للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فقد ذهبَ التَّميميُّ إلى أنَّ ابنَ كمال قد حازَ السَّبقَ على السُّيوطيِّ فقال: وعندي أنَّ ابنَ كمال باشا أدقُّ نظرًا من السُّيوطيِّ، وأحسنُ فهمًا، وأكثرُ تصرُّفًا، على أنَّهما كانا جمالَ ذلك العصرِ، وفخرَ ذلك الدَّهرِ، ولم يخلُف أحدًا منهما بعدَه مثلُه، رحمَهما اللهُ تعالى (١).

أما العلَّامةُ أبو الحسناتِ عبدُ الحيِّ اللَّكنويُّ (١٣٠٤ هـ) فقد رجَّح كفَّةَ الإمام السُّيوطيِّ، فقال عقبَ كلامِ التَّميميِّ: أقولُ: هو إن كان مساويًا للسُّيوطيِّ في سعة الاطِّلاع في الأدب والأصولِ، لكن لا يُساوِيه في فنونِ الحديثِ، فالسُّيوطيُّ أوسعُ نظرًا، وأدقُّ فكرًا في هذه الفنون منه، بل من جميعِ مُعاصرِيه، وأظنُّ أنَّه لم يُوجد مثلُه بعدَه، وأمَّا صاحبُ التَّرجمةِ فبضاعتُه في الحديثِ مُزجاةٌ، كما لا يخفَى على من طالعَ تصانيفَهما، فشتَّانَ ما بينهما كتفاوتِ السَّماءِ والأرضِ وما بينهُما (٢).

قلت: وما قاله هذا العلامة في حقِّ ابن كمال باشا يمكن تلمُّسه في جميع مؤلفاته، حيث يظهر منها ضعفُ الصنعة الحديثية عنده، لكنه في المقابل إمام المباحث العقلية، فكم تعقب من عالم، وكم رد على إمام، وكم أبدع من مسألة، وبحث في موضوع، فأفاد فيما أبدع وأفاض فيما بحث.

وحام حول ما ذكرناه الدكتورُ حسَن عِتر ، فقال بعدَ إيرادِ أقوالِ العُلماءِ في مُوازنتِهما: قلتُ: اتَّفقوا على تفضيلهما على جميع علماءِ ذلك العصر، واختلفوا في ترجيح فضلِ أحدهما على الآخر، فإمَّا أن يكون


(١) انظر: "الطبقات السنية في تراجم الحنفية" للتميمي (١/ ٣٥٧).
(٢) انظر: "الفوائد البهية" للكنوي (ص: ٢٢).

<<  <  ج:
ص:  >  >>