للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٧٤) - ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا﴾ قد مرَّ تفسيرُه وبيانُ (١) ما في عبارة الثمن من المزيَّة على عبارة الشيء والعِوَض (٢) وغيرِ ذلك (٣).

﴿قَلِيلًا﴾ ليس المرادُ به أنَّهم إذا اشترَوا به ثمنًا كثيرًا كان جائزًا، بل المعنى: إنَّ كلَّ ما يأخذونه في مقابَلته من حُطام الدنيا (٤) فهو قليل.

﴿أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ﴾؛ أي: مِلْءَ بطونهم، يقال: أكل في بطنه، وأكل في بعضِ بطنه، قال الشاعر:

كُلُوا في بَعْضِ بطنِكُم تَعِفُّوا (٥)

فمرادُهم من الأكل في البطن: الأكلُ في جميعِ البطن، والظاهرُ أنَّ التَّعدية بـ (في) لتضمين معنى الاستقرار المناسبِ للمَقام؛ فإنَّ الأكل قد يَعْقُبُه الدَّفعُ، خصوصًا إذا كان المأكولُ غيرَ ملائم للطبع، وذُكر الأكلُ لكونه المقصودَ الأوَّل من تحصيل المال، وذُكر ﴿فِي بُطُونِهِمْ﴾ تنبيهًا على شَرَهِهم (٦) وتقبيحًا لتضييع


(١) في (ك): "تفسير بيان".
(٢) في (م): "أو العرض".
(٣) في هامش (د) و (ف) و (م): "ومن غفل عن هذا قال في تفسيره: عوضًا حقيرًا. منه".
(٤) في (ف) و (م): "من الدنيا".
(٥) صدر بيت في "الكتاب" (١/ ٢١٠)، و"أساس البلاغة" (مادة: خمص)، وعجزه:
فإنَّ زمانكمْ زمنٌ خَمِيصُ
(٦) في (ف) و (ك) و (م): "شرهم".