للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أعظم النِّعم لأَجْل المطعَم الذي هو أحسنُ مطلَبٍ من (١) الدنيا.

﴿إِلَّا النَّارَ﴾ مَجازٌ من بابِ إطلاق اسم المسبَّبِ على السَّبب أو الغاية (٢) على الشيء لتلبُّسه بها؛ فإنهم إذا أكلوا السُّحت - وهو الرّشا - على الكتمان لزمهم (٣) عقوبتُه التي هي النارُ، فكأنَّهم أكلوا النار، ومنه قولُهم: أكل فلانٌ الدَّمَ، إذا أكل الدِّيَةَ التي هي بدلٌ منه.

﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ﴾ عبارةٌ عن غضبه تعالى عليهم؛ لأنَّ مَن غَضِبَ على صاحبه حرَمه وقطَعَ كلامه.

وقيل: تعريضٌ بحرمانهم حالَ أهل الجنة في تَكْرمة الله تعالى إياهم بكلامه وتزكِيَتِهم بالثَّناء.

﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ مؤلم، وتقديمُ الجارِّ والمجرور لمحافظةِ الفاصلة.

* * *

(١٧٥) - ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾.

﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى﴾ في الدنيا.

﴿وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ﴾ في الآخرة، والحاجةُ إلى المغفرة أشدُّ من الثواب (٤)، فالخسرانُ في فقدانها أقوى، ولهذا آثرَها عليه مع أنَّه أنسبُ لأنْ يُذكرَ مع العذاب لفظًا ومعنًى.


(١) في (ف): "في".
(٢) في (م): "الغلبة".
(٣) في (ك): (لزمتهم).
(٤) "من الثواب" ليس في (ح) و (ف).