ثم قال:(هذا ما بحسب جليل النظر، والذي هو بحسَب دقيقه: أن المراد من الشك ما يلزمه من الحيرة التي لا محيص لهم عنها، وعبارةُ (في) الدالةُ على الثبوت والتقريرِ إنما تساعد هذا.
ومن أمثلة ذلك أيضًا: ﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور: ٤] قال: (ولا فرقَ فيه بين المذكَّر والمؤنَّث، وتخصيصُ المحصنات لخصوص الواقعة، أو لأن قذفهنَّ كان أغلبَ.
هذا ما قالوا، وأنا أقول: أُريدَ الأنفسُ المحصنات، كما في قوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ فلا تخصيص).
[٥ - ومن ذلك كثرة التعقبات والردود على بعض الأئمة كالبيضاوي والزمخشري]
وله فيه أسلوب حسن، وهو أنه يَقتصر على ذكر الرد، دون ذكر القائل ودون نقل كلامه بالنص، بل بالاقتصار على ما يفيد الغرض ويوضح الرد، وسيأتي عليه الأمثلة إن شاء الله تعالى.
وهذا يدل على أنه لم تكن غاية المؤلف في ذلك التشهير أو التجريح، بل بيانُ الوجه الصحيح كما يراه هو، مع ما يستلزم ذلك من التعرُّض للوجه المخالف؛ ليتميز الأمر وتكتمِلَ الصورة، لكن دون أيِّ تجريح، بل ولا تصريحٍ بنسبة المردود لقائل، مما يدل على سلامة النية وطهارة الطوِيَّة، والحرصِ على الإخلاص في الأعمال لتكون مقبولةً عند الملك المتعال.