للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ المَائِدَةِ

مدنية مئة وعشرون آية

(١) - ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ تشريفٌ ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُود﴾ تكليفٌ، ولمَّا علم أن في التكليف بإيفاء العقود كلِّها كلفةً قدَّم التشريف بالنداء على التكليف بالأداء.

والوفاءُ والإيفاءُ: القيام بمقتضى العهد.

والعَقْد: العَهْدُ الموثَّق، فإن العهد إلزامٌ والعقدَ التزامٌ على سبيل الإحكام.

شبَّه العهد بالحبل، وشبَّه الموثَّق منه - كالعزيمة الموثَّقة بالأمر الموجَب - بعقد الحبل، والظاهر نظرًا إلى براعة الاستهلال وما فيها من التفصيل بعد الإجمال: أن المراد عقود الله تعالى عليهم في دِينه الكريم من التحليل والتحريم، وحالُ سائر ما يجب الوفاء به من العقود يُعلم بطريق الدلالة، وفي هذه الإحالة إعمالُ النص عبارةً ودلالةً، والإعمال خير من الإهمال.

ولشدَّة الاعتناءِ بتلك العقودِ أَمَرنا بالوفاء بها مجمَلًا، ثم فصَّلها بقوله تعالى:

﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ﴾ إلى آخر الأحكام، والبهيمة: كلُّ حيٍّ لا يميز، ثم اختص بذوات الأربع، وإضافتُها إلى الأنعام للبيان، ومعناه: البهيمة من الأنعام؛