لكننا إذا ما قارنَّا هذا التفسير بالتفاسير التي تصنَّف ضمن التفسير بالمأثور كـ"تفسير الطبري" و"تفسير ابن كثير" و"الدر المنثور" فسوف نجد أنه ليس من التفاسير التي يمكن أن تصنف في هذا الباب، ولعل السبب في ذلك هو ما قدَّمناه من منهج المؤلف المعتمِد على إبراز النواحي البلاغية والجمالية واستنباط المعاني الكثيرة من الألفاظ والعبارات، وهذا الأسلوب كما بينَّا فيما سبق ليس بديلًا عن التفسير بالمأثور ولكنه رديفٌ له ومُعينٌ على فهم القرآن كما فهمه الأوائل من الصحابة والتابعين وتابعيهم.
* * *
[عقيدة المؤلف والرد على الشبه والأباطيل والمذاهب المنحرفة]
من المعروف عن المؤلف ﵀ التزامُه بعقيدة أهل السنة والجماعة ودفاعُه عنها، وإبطالُ المذاهب الفاسدة، والأقاويل الباطلة، وتفنيدُها لكن بالحجة والبرهان لا بسلاطة اللسان.
وقد أكَّد انتماءه لأهل السنة عند تفسير قوله تعالى: ﴿لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا﴾ [الأنعام: ١٥٨] فقال: (ونحن معاشرَ أهل السُّنَّة نقول بما هو مُوجَب النَّص: مِن أنَّ الإيمان النَّافع مجموعُ الأمرين، فلا حجَّة فيه للمخالف … ).
وهو في تفسيره هذا لم يَدَعْ آية فيها ردُّ على أهل الباطل، أو إبطالٌ لتأويلهم الفاسد، إلا بيَّنها وبيَّن مذهب أهل الحق فيها، فهو يردُّ على الحشوية والجبرية والكرَّامية والمعتزلة وغيرهم، وللأخيرينَ عنده موقع