ثالثًا: بيان خصائص هذا التفسير التي تَميَّز بها عن غيره من التفاسير
يعدُّ العلامة المؤلِّف لهذا التفسير من كبار علماء عصره، وقد ألمَّ بجميع الفنون وصنَّف فيها، حتى قيل في وصفه: قلَّما يوجد فنٌّ من الفنون وليس لابن كمال باشا مصنَّفٌ فيه (١)، أضف إلى ذلك أنه من المتأخرين الذين قد اطَّلعوا على قسطٍ كبير من التراث الإسلامي العظيم، ودرسوا كلَّ ما وصل إليهم من تفاسير وأقوالٍ لمن سبقهم من العلماء، هذا مع ما ذكرنا عنه من العناية الفائقة بتفسير القرآن الكريم، فجاء هذا التفسير خلاصةً لما أنتجه فكر هذا العلامة، فإنه كان من أواخر مؤلفاته، حيث اخترمَتْه المنية قبل إتمامه كما تقدم، فلا شك أنه قد اجتمع فيه من الخصائص ما يَندر أن يجتمع في غيره، وقد أشار لهذا مَن ذكروا تفسيره ممن تقدَّم نقلُ كلامهم، وسنذكر بعض هذه الخصائص التي لمسناها من خلال تحقيق هذا السفر الكريم، فأول هذه الخصائص:
١ - المنهج الذي اعتمده المؤلف وسار عليه في الكتاب كلِّه:
وهو المنهجُ الذي يعتمد على استيعاب فكرِ أئمَّةِ النحوِ وأبحاثِ كتبِ المعاني والدراساتِ البلاغيَّةِ، ثُمَّ استعمالِ ذلك والإفادةِ منهُ لإبرازِ خصائصِ التَّعبيرِ القرآنيِّ المعجِزِ وبيانِ مَعانيهِ.
فهو إذاً تفسير يدلُّك على مواطن الإعجاز ومعالم البلاغة في كتاب الله، من خلال الغوصِ في أعماق المعاني، والبحثِ في مدلولات الألفاظ، وليس