﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾؛ أي: دنا وقَرب، يقال لمن طلب الإغاثة وقُربَ حصولها: جاءك الغوث.
والمراد من ﴿أَمْرُ اللَّهِ﴾: ما أَوْعدهم من قيام السَّاعة، أو إهلاكِ الله تعالى إيَّاهم، وعلى هذا وجه إصابة الفاء في قوله: ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ محزَّها ظاهر، بخلاف ما إذا كان المعنى: أنَّ الأمرَ الموعود بمنزلة الآتي المحقَّق من حيث إنه واجب الوقوع.
والاستعجالُ: طلبُ الشَّيء قبلَ حينه، كانوا يستعجلون ما أوعدهم اللهُ؛ استهزاءً وتكذيبًا، فنزلت.
ولما كان المستعجِل المستهزئ معجِّزًا له تعالى عن القدرة على ما أَوْعده (١)، وفيه تشبيه بالمخلوق، قال:
(١) قوله: "معجِّزًا له"؛ أي: ناسبًا إليه العجز سبحانه، ومعنى الكلام: لما كان استعجالهم ذلك من نتائج إشراكهم المستتبع لنسبة الله تعالى إلى ما لا يليق به سبحانه من العجز والاحتياج إلى الغير واعتقادهم أن أحدًا يحجزه عن إمضاء وعيده أو إنجاز وعده. انظر: "تفسير أبي السعود" (٥/ ٩٥)، و"روح المعاني" (١٤/ ١٠).