ثم قال:(وإنَّما قلنا: (بما يحول)، ولم نقل:(بالعقوبة) كما قيل؛ لأنَّه مردود بقوله: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا﴾ [القصص: ٣٥]، فإنَّه مذكور قبل قولهما هذا، بدلالة قوله: ﴿سَنَشُدُّ﴾، وقد دلَّ على أنهما محفوظان من عقوبته).
والأمثلة على هذا كثيرة لا تنتهي، ولكن ما ذكرناه كافٍ في بيان المراد، والتعريفِ بسعةِ علم المؤلف، وقوةِ عقله، وأسلوبه الفريد في جمع الآيات والربط فيما بينها.
* * *
[التفسير بالمأثور عند ابن كمال باشا]
ونعني به: كلَّ ما جاء عن النبي ﷺ والصحابة والتابعين من تفسير للقرآن. وقد رسم ابن تيمية معالم التفسير بالمأثور فقال بعد أن ذكر أن أصح الطرق في التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن: فإن أعياك ذلك فعليك بالسنَّة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي: كلُّ ما حَكم به رسول الله ﷺ فهو مما فَهِمَه من القرآن، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا [النساء: ١٠٥]، وقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: ٤٤]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [النحل: ٦٤]،