للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾ تعجُّب من حالهم (١) في ارتكابِ مُوجِبات النار والتباسِهم بها من غيرِ مبالاةٍ منهم به؛ كما تقول لمَن يتعرَّض لمَا يُوجب غضبَ السلطان: ما أصبرَكَ على القيد والسِّجن! تُريد أنه لا يتعرَّضُ بذلك (٢) إلا مَن هو شديدُ الصبر على العذاب.

و (ما) تامَّةٌ مرفوعةٌ بالابتداء، وتخصيصُها كتخصيصِ قولهم: شرٌّ أَهَرَّ ذا نابٍ (٣). أو استفهامية وما بعدها الخبر أو موصولة وما بعدها صلة والخبر محذوف.

* * *

(١٧٦) - ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾.

﴿ذَلِكَ﴾؛ أي: ذلك (٤) العذاب.

﴿بِأَنَّ اللَّهَ﴾: بسببِ أنَّ اللّه.


(١) قوله: "تعجب من حالهم" كذا قال الزمخشري في "الكشاف" (١/ ٢١٦)، وتابعه عليه البيضاوي في "تفسيره" (١/ ١٢٠)، والمؤلف هنا، وهذا كلام يحتاج إلى توجيه، فالتعجب هو استعظام الشيء وخفاء حصول السبب، وهذا مستحيل في حق الله تعالى، وبالتالي فهو راجع لمن يصح ذلك منه، أي: هم ممن يقول فيهم من رآهم: ما أصبرهم على النار. انظر: "البحر المحيط" (٣/ ٢٤٤). وقد تلافى الآلوسي هذا الإشكال فقال: (تعجيب للمؤمنين من ارتكابهم موجباتها من غير مبالاة .. ). انظر: "روح المعاني" (٣/ ٩٥).
(٢) قوله: "بذلك" كذا في النسخ، والذي في "الكشاف" (١/ ٢١٦): (لذلك).
(٣) انظر: "مجمع الأمثال" (٣/ ٩٥)، و"تفسير البيضاوي" (١/ ١٢٠). قال الميداني: (يقال: أهره، إذا حمله على الهرير، وشر رفع بالابتداء، وهو نكرة وشرط النكرة أن لا يبتدأ بها حتى تخصص بصفة كقولنا: رجل من بني تميم فارس، وابتدؤوا بالنكرة هاهنا من غير صفة، وإنما جاز ذلك لأن المعنى: ما أهر ذا ناب إلا شر، وذو الناب: السبع. يُضرب في ظهور أمارات الشر ومخايله).
(٤) "ذلك": ليست في (م).