أحمدُ بنُ سليمانَ كالسيوطيِّ تماماً، أو أنَّه يليه مباشرةً، فلا يتوسَّطُ بينَهما أحدٌ في العلمِ والفضل، والحقُّ أنَّ لكلٍّ منهما مزيَّتُه ورجحانُه في جانبٍ من العلوم، ولا ريبَ أنَّ السُّيوطيَّ أطولُ باعاً وأعظمُ تضلُّعاً من علوم الحديثِ، وفي كلٍّ منهُما خيرٌ عظيم، وعلمٌ غزير، رحمهما الله وجزاهما خيراً عن الإسلام والمسلمين (١).
هذا وذهبَ كثيرٌ من المؤلِّفينَ إلى تفضيل العلَّامة ابن كمال باشا - لانتشارِ شهرتِه العلميَّةِ في عصرِه - على أكابرِ علماءِ الشَّرقِ، أمثالِ العلَّامةِ التَّفتازانيِّ، والفاضلِ السَّيِّدِ الشَّريفِ الجُرجانيِّ، وفي هذا من المبالغةِ ما لا يخفى على باحثٍ مدقِّق، فقد أمضى العلامةُ ابنُ كمال عمرَه في العيشِ تحتَ كَنفِ عِلمَي هذين العلَمَين وأبحاثِهما، ناقلاً مُسلِّماً، أو مُناقشاً مُتعقباً.
كما يرَونَ تفوُّقَ العلَّامةِ أبي السُّعودِ في الأدبِ، وعظمةِ الأسلوبِ، وتناسبِ البيانِ، والأشعارِ العربيَّةِ.
وهنا لا بدَّ من الإشارةِ أيضاً أنَّ العلامةَ طاشكبري زاده قد مَضى على سَنَنِ العلامةِ ابن كمال باشا، من حيثُ كثرةُ التأليفِ والإفادةِ من كتب ابن كمال ورسائلِه، حتى إنَّ كثيراً من أسماء كتبه ورسائله شابَهتْ رسائلَ ابنِ كمال وكتبَه، تماماً كما ابن طولونَ مع السُّيوطي، رَحمَ اللهُ الجميع.
وبعد، فقد كثُر الثناءُ على العلامةِ ابن كمال باشا قديماً وحديثاً، ومن
(١) مقدمة "تفسير سورة الملك" لابن كمال باشا، تحقيق: د. حسن عتر (ص: ٢٣ - ٢٤).