للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قيل: أي: في أيٍّ شيء كنتُم من أمرِ دينكم، ولا يَنتظِم الجوابَ (١).

﴿قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ﴾؛ أي: في أرض مكة، أجابوا اعتذارًا مما وُبِّخوا به بضعفهم عن مقاومة المشركين، وعدمِ قدرتهم للمخالفة.

قيل: وعجزهم عن الهجرة. ولا ينتظمُه الردُّ (٢).

﴿قَالُوا﴾؛ أي: الملائكة ردًا لهم:

﴿أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾ إلى قطرٍ آخر فتتخلَّصوا عن أيدي المشركين كما فعل المهاجرون إلى المدينة والحبشة.

هذا السؤال والذي سبق يدلَّان على أنهم ماتوا مسلمين ظالمين لأنفسهم في تركهم الهجرةَ، فإنهم لو ماتوا كافرين لكان التوبيخُ على كفرهم.

﴿فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾؛ لتركهم الواجبَ ومساعدتهم المشركين، وهو جملةٌ معطوفةٌ على جملةٍ قبلها مستنتجةٍ منها.

﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ مصيرُهم، أو جهنمُ. كان الهجرةُ من فرائض الإسلام بعد هجرة النبي ، ثم نسخ ذلك بعد فتح مكة بقوله : "لا هجرةَ بعد الفتح" (٣).

وكأنه غافلٌ عن هذا مَن قال: وفي الآية دليل على وجوب الهجرة من موضعٍ لا يتمكَّن فيه الرجل (٤) من إقامة دينه.


(١) لعله يشير إلى ما قاله الزمخشري "الكشاف" (١/ ٥٥٥) بناء على القيل المذكور: (فإن قلت: كيف صح وقوع قوله: ﴿كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ﴾ جوابًا عن قولهم: ﴿فِيمَ كُنْتُمْ﴾؟ وكان حق الجواب أن يقولوا: كنا في كذا، أو: لم نكن في شيء؟ … )، وانظر تتمة كلامه ثمة.
(٢) في (م) و (ك): "المراد".
(٣) رواه البخاري (٢٧٨٣)، ومسلم (١٣٥٣)، من حديث ابن عباس .
(٤) في (م) و (ك): "الرجل فيه".