للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وضمير الجمع - وإن كان الخائنُ طعمةَ وحده - يشملُ كلَّ خائن؛ لعمومِ الحكم، ولأن (١) قومه شهدوا له بالبراءة ونصروه، فكانوا شركاء في الإثم.

﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ يُكنى بعدم المحبة عن البغض في جميع الألسنة.

﴿مَنْ كَانَ خَوَّانًا﴾: مُبالِغًا في الخيانة بالإصرار عليها.

﴿أَثِيمًا﴾: منهمِكًا فيه (٢).

وإنما أورد صيغةَ المبالغة فيهما تعريضًا بحالِ طعمة وإفراطهِ في الخيانة، حيث سرق ورمى بالسرقة يهوديًّا وحلف كاذبًا، وقد كان سارقًا في الجاهلية.

* * *

(١٠٨) - ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا﴾.

﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ﴾: يستترون منهم خوفًا وحياء.

﴿وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ﴾؛ أي: لا يقدرون على الاستخفاء منه تعالى؛ إذ لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

ويجوز أن يكون الاستخفاء كنايةً عن الاستحياء لأنَّه من أسبابه؛ أي: لا يستحْيون منه تعالى وهو أحقُّ بأن يُستحْيَى منه.

﴿وَهُوَ مَعَهُمْ﴾ لا يخفى عليه سرُّهم، فلا طريق معه إلا تركُ ما يستقبحُه ويؤاخِذ عليه.


(١) في (م): "أو لأن".
(٢) أي: في الإثم. انظر: "روح المعاني" (٦/ ٢٧٣).