للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تحريضًا للأمر بالخير على فعله، وتنبيهًا على أنَّ الأمر بفعله دون فعله لا يُستحسَنُ، بل الأمرُ به دليل على أن فعله أهمُّ، وإنما يوجِب الثوابَ لإفضائه إليه، فثوابُه تَبعٌ لثواب فعله، وإنما شرط أن يكون لطلب مرضاة (١) الله تعالى لأن الأعمال بالنيات، فإذا لم يقارنه النيةُ أو عَرَض لصاحبه الرِّياء والسُّمعة فليس بخيرٍ، بل هو إلى الشرِّ واستيجابِ العقاب أقربُ.

ووُصِف الأجرُ بالعظم تنبيهًا على حقارةِ ما فات من أعراض الدنيا في جَنْبه.

* * *

(١١٥) - ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾.

﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ﴾: يخالفْه، من الشَّقِّ فإن كلًّا من المخالِفَين يكونُ في شِقّ غيرِ شقِّ الآخر.

﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾: ظهر له الحقُّ بالوقوف على المعجزات.

﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وذلك هو السبيلُ الذي اتَّفقوا على صحَّته من الدِّين الحنيفي القيِّم، فيندرِج فيه الإجماعُ والاجتهاد، فإنه أيضًا مما اتَّفقوا على صحَّته، وعلى كون الثابتِ به من الدِّين، وهذا كالبيان لمخالفةِ الرسول ، فإنَّ مَن اتَّبع الإجماعَ أو اجتهادَ مجتهدٍ فهو موافقٌ له في الحقيقة وإن كان مخالفًا لظاهر الكتاب والسنَّة.

﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾: نجعلْه واليًا لِمَا تولَّاه من الضَّلال بأنْ نُخلِّيَ بينه وبين ما اختاره.


(١) في (م): "مراضاة".