للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال مقاتل: فخرج طعمةُ من مكة ولحق بحَرَّةِ بني سُلَيمٍ، فعَبد صنمهم حتى مات على الشِّرك، فنزل فيه الآيةُ، فبَيَّن أن طعمة لو لم يشرك لكان في سَعة رحمة الله تعالى أن (١) يغفر له.

﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾، أي: لا يتناهَى تَماديهِ في الضلال؛ إذ لا جهل أفحشُ من الجهل بالله، وإنما ذكر في الآية الأولى ﴿فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا﴾ (٢) [النساء: ٤٨] لأنها متصلةٌ بقصة أهل الكتاب، ومنشأُ شركهم كان افتراءَهم، وهو دعوى النبيِّ على الله، وهذه في شأن مَن ليس من أهل الكتاب ولا علمَ عنده، فناسَبَ وصفه بالضلال، وأيضًا فقد تقدَّم ذكرُ الهدى (٣) وهو ضدُّ الضلال.

* * *

(١١٧) - ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا﴾.

﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ يعني: اللات والعزَّى ومناةَ ونحوَها، كان لكلِّ حيٍّ صنم يعبدونه ويُلبسونه أنواع الحليِّ، ويسمُّونه أنثى بني فلان.

وقيل: كانو ا يقولون في أصنامهم: هنَّ بنات الله، وقيل: المراد الملائكةُ؛ لقولهم: الملائكة بنات الله تعالى.

وهو جمع أُنثى كرِبَابٍ ورُبَّى (٤)، وقُرئ: (أنثى) على التوحيد، و: (أُنُثًا) على أنه جمع أنيث كخُبُثٍ وخبيثٍ، و: (وُثنًا) بالتخفيف والتثقيل، وهو جمع


(١) في (ك): "وأن".
(٢) في (ف) و (ك) و (م): "ومن افترى على الله "، والمثبت من (ح).
(٣) قوله: "وهذه في شأن من ليس من أهل الكتاب … " إلى هنا ساقط من (ف) و (ك).
(٤) الربى: الشاة التي وضعت حديثًا. انظر: "اللسان" (مادة: ربب).