للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تقواه، فتقديمه على التوصية (١) تمهيدٌ لعظمته ومالكيَّته، وكونهِ أهلًا لأنْ يُتّقى ويطاع، والثاني لبيان غناه، وتأكيدٌ للأول في تقرير معناه، والثالثُ تقويةٌ لما ذكر من كونه حميدًا بلسان الكلِّ، وكونِ الأشياء كلِّها في طاعته وحمده وعبادته فلا يضرُّه كفركم.

﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ اعتراضٌ مؤكِّدٌ لمالكيَّته ومدبِّريَّته للكلِّ ببيانِ أنه لم يَكِلْ أمورهم إلى غيره (٢)، فعليهم أن يطيعوه ويتوكَّلوا عليه، وفيه تسليةٌ للرسول والمؤمنين، وفيما بعده تخويف وتهويل شديدٌ، وإيعادٌ وتهديدٌ بليغٌ لأعدائهم.

* * *

(١٣٣) - ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا﴾.

﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ﴾؛ أي: يميتكم ويُفنيكم كما أوجدكم وأنشأكم، ومفعول ﴿يَشَأْ﴾ محذوفٌ دلَّ عليه الجواب.

﴿وَيَأْتِ بِآخَرِينَ﴾: وُيوجِدْ قومًا آخَرين مكانَكم يوالونه ويؤمنون به، والخطاب لمَن يعاديهِ من كفار العرب.

﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ﴾ من الإعدام والإيجاد.

﴿قَدِيرًا﴾ هو إذ لا يَمتنعُ شيء على قدرته وإرادته.

ويُروَى: أنها لمَّا نزلت ضرب رسول الله ظهر سلمان وقال: "إنهم قومُ هذا" [يريد] أبناءَ فارسَ (٣).


(١) في (ح): "التوحيد"، وهو تحريف، والمراد بتقديمه على التوصية ما جاء في الموضع الأول من قوله: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾، وانظر باقي كلامه يظهر لك مراده.
(٢) في (ح) و (م) و (ك): "غيرهم "، والمثبت من (ت).
(٣) انظر: "الكشاف" (١/ ٥٧٤)، وما بين معكوفتين منه. ورواه الطبري في "تفسيره" (٧/ ٥٨٢) من=