للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرئ: ﴿نَزَّلَ﴾ على البناء للمفعول (١)، والقائمُ مقام فاعله:

﴿أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ﴾ وهي المخفَّفة من الثقيلة، والمعنى: أنه إذا سمعتُم آيات الله، وهذا على طريقة قولهم: سمعتُ فلانًا يقول، فالمسموع هاهنا استهزاؤهم بآيات الله تعالى لا الآيات.

﴿يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا﴾ حالان من الآيات، والأولى تمهيدٌ للثانية تعظيمًا لأمر الاستهزاء بالقرآن، وإنما جيء به لتقييد النهي عن المجالسة في قوله:

﴿فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ﴾ الضميرُ لِمَا دل عليه قوله: ﴿يُكْفَرُ بِهَا﴾ من الكفرة.

﴿حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾، أي: غيرِ ما خاضوا فيه، والخوض: الشروع، و ﴿حَتَّى﴾ غايةٌ للنهي، وإنما جَعَل غايته الخوضَ في حديثِ غيره دون السكوت عنه؛ لأنَّه لا يدل على الفراغة عنه بخلاف الخوض بحديث آخر.

﴿إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ﴾؛ أي: إذا مكَثْتم معهم فأنتم مثلُهم في الوِزر؛ لأنكم قادرون على الإعراض عنهم، والإنكارِ عليهم، ولم يُرَدْ به التمثيلُ من كلِّ وجه؛ لأن خوض المنافقين فيه كفرٌ، ومكثَ هؤلاء معهم معصيةٌ، إذ (٢) عدم إنكارهم عليهم لا يدل على الرضا، وعلى تقدير تسليم الدلالةِ عليه فالرضا بكفر الغير ليس بكفرٍ إذا لم يكن مع استحسانٍ له، وتخصيصُ الخطاب بالمنافقين لا يساعدُه السباق (٣)، ولا يقتضيه اللحاق، على ما ستقف عليه بإذن الله تعالى.


(١) هي قراءة السبعة عدا عاصمًا فإنه قرأ بالمبني للمعلوم. انظر: "التيسير" (ص: ٩٨). وقوله: "على البناء للمفعول": من (ف)، وليس في باقي النسخ.
(٢) في (ح) و (ف): "أو".
(٣) في (ح): "السياق"، وفي (ك): "السابق".