للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالسوء فاعلًا ما لا يحبه الله، أو على البدل من الفاعل؛ أي: لا يحبه إلا الظالمُ، على لغةِ مَن يقول: ما جاءني زيد إلا عمرٌو، بمعنى: ما جاءني إلا عمرٌ و، ومنه قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [النمل: ٦٥].

﴿وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾ يسمع قول المظلوم ﴿عَلِيمًا﴾ يعلم فعلَ الظالم.

* * *

(١٤٩) - ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾: ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا﴾: طاعة وبِرًّا.

﴿أَوْ تُخْفُوهُ﴾: أو تفعلوه سرًّا.

﴿أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ﴾ خصَّ العفو بالذكر مع أنه يَلزم القسمين؛ لكونه المقصودَ على أيِّ وجهٍ كان، وذكرُ إبداء الخير وإخفائه تشبيبٌ له (١)، ولذلك رتَّب عليه قوله:

﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ يُكثر العفوَ عن العصاة مع القدرة على الانتقام، فعليكم أن تقتدوا بسنَّته، وتتخلَّقوا بخلُقه، فختم العفو بجعله صفةً لله تعالى، وبالحثِّ على الاتصاف به، وتعظيمِ صاحبه بأنه سميُّه.

* * *


= (ص: ٣٠)، و"المحتسب" (١/ ٢٠٣)، و"الكشاف" (١/ ٥٨٢).
(١) في النسخ عدا (م): "تشبيه "، والمثبت من (م) وهو الصواب. انظر: "الكشاف" (١/ ٥٨٢)، و"تفسير البيضاوي" (٢/ ١٠٦). ومعنى (تشبيب)، أي: توطئة وتمهيد للعفو، من تشبيب القصيدة، وهو تزيينها بما يتقدم على التخلص إلى المدح من التغزل ووصف الحسن والجمال. يريد أن إيقاع قوله: ﴿إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ﴾ توطئة وتمهيدًا لذكر العفو على طريقة قوله: ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾ [التوبة: ٦٢] بمعنى: رسوله أحق أن يرضوه، وذكر الله للدلالة على مكانة الرسول عند الله تعالى، دلالة على أن للعفو مكانًا وسيطًا في معنى العزم على الخير وفعله. انظر: "فتوح الغيب" (٥/ ٢١١)، و"حاشية الشهاب على البيضاوي" (٣/ ١٩٤).