للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ﴾ استدراكٌ عما دلَّ عليه سؤالُهم، فإنه لمَّا أجاب عن اقتراحهم إنزالَ كتاب من السماء تعنُّتًا، وأحتج عليهم بأن طريق الوحي المنزل على جميع الأنبياء على هذا الأسلوب، دل على أنهم لا يشهدون به، وإلا لم يسألوا لوضوحه ولم يتعنَّتوا، فقال: [إنهم لا يشهدون] (١) لكن الله يشهد، وإنهم أنكروه ولكن الله يثبته ويقرِّره.

﴿بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ﴾ من القرآن المعجز الدالِّ على نبوتك، رُوي أنه لمَّا نزل ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ الآية [النساء: ١٦٣] قالوا: ما نشهد لك، فنزلت (٢).

﴿أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ﴾ حال؛ أي: ملْتبِسًا بعلمه، جملة مفسِّرة أُوردت بيانًا للشهادة؛ أي: بعلمه الخاص وهو العلم بتأليفه على وجه يَعجز عنه كل بليغ، أو بحالِ مَن يستعد للنبوة ويستأهل نزول الكتاب عليه، أو بعلمه الذي يحتاج إليه الناس في معاشهم ومعادهم، وعلى هذا يكون الحال عن المفعول، وعلى الأولَينِ عن الفاعل.

﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ﴾ أيضًا بنبوَّتك.

﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾؛ أي: وكفى بما أقام به من الحجج على صحة نبوتك عن الاستشهاد بغيره.

* * *

(١٦٧) - ﴿نَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا﴾.


(١) من "الكشاف" (١/ ٥٩٢)، و"تفسير البيضاوي" (٢/ ١١٠).
(٢) انظر: "الكشاف" (١/ ٥٩٢)، و "تفسير البيضاوي" (٢/ ١١٠). ورواه بنحوه الطبري في "تفسيره" (٧/ ٦٩٤)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (٢/ ٥٣٤)، من حديث ابن عباس .