للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مُكَلِّبِينَ﴾ من الكَلَب الذي هو معنى الضراوة، يقال: هو كَلِبٌ بكذا، إذا كان ضاريًا به.

وقيل: معناه: معلِّمين إياه الصيدَ، مشتقٌّ من الكَلْب؛ لأن التأديب يكون فيه أكثرَ، أو لأن كلَّ سَبُعٍ يسمَّى كلبًا؛ لقوله اللهم: "سَلِّطْ عليه كلبًا مِن كلابِكَ" (١)، ويأباه كونه حالًا من ﴿عَلَّمْتُمْ﴾، وفائدتها أن يكون المعلِّم ماهرًا في التعليم موصوفًا بالتكليب.

﴿تُعَلِّمُونَهُنَّ﴾ حالٌ أخرى للتأكيد، أو استئناف.

﴿مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ﴾ من علم التأديب والتكليب؛ لأنَّه (٢) إلهام من الله تعالى يُقتنص بالفطنة الصافية، أو: مما عرَّفكم أن تعملِّوه؛ من اتِّباع الصيد بإرسال صاحبه، وانصرافه بدعائه، وانزجاره بزجره (٣)، وإمساكه عليه وامتناعِه عن أكله.

﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ إمساكُ الكلب الصيدَ على صاحبه: أن لا يأكل منه؛ لقوله لعَديِّ بن حاتم: "وإنْ أَكَل منه فلا تأكُلْ، إنَّما أَمْسَكَ على نفسه" (٤).

هذا في صيد الكلب ونحوِه، فأما صيدُ البازيِّ ونحوِه فأكلُه لا يحرِّمه عندنا، ويُعْرف هذا في الفقهيَّات.


(١) رواه الحاكم في "المستدرك" (٣٩٨٤)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (٢/ ٢١١).
(٢) في (ع): "لأنها".
(٣) "بزجره" من (ي).
(٤) رواه البخاري (١٧٥)، ومسلم (٢٠٢٢)، من حديث عمر بن أبي سلمة .