للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ في الخطاب بهذا الوصفِ إشارةٌ إلى أن إيمانهم هو الباعثُ لنعمة الكشفِّ الآتي ذكره.

﴿اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ﴾ رُوي أنَّ المشركين رأوا رسول اللّه وأصحابه بعُسْفانَ قاموا إلى الظهر معًا، فلما صلَّوا ندموا ألا كانوا أَكَبُّوا عليهم، وهمُّوا أن يُوقعوا بهم إذا قاموا إلى العصر، فردَّ اللّه تعالى كيدهم بأنْ أنزل صلاةَ الخوف (١). والآيةُ إشارةٌ إلى ذلك، وقيل غيرُ ذلك (٢).

﴿إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ﴾ بالقبض والإهلاك (٣)، يقال: بسط إليه يده، إذا بَطَش به، وبسط إليه لسانه: إذا شتمه، ومعنى بسطِ اليد: مدُّها، وكذلك بسطُ اللسان، وإنما البطش والشتم حاصلُ المعنى.

﴿فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ﴾: مَنَعها عن الإضرار بكم، قدَّم ﴿إِلَيْكُمْ﴾ ثمةَ وأخَّر ﴿عَنْكُمْ﴾ هاهنا لنكتةٍ لفظيَّة: وهي رعايةُ قوَّةِ المناسبة وشدَّةِ الاتصال بين الكفِّ واليد، ودقيقةٍ معنويةٍ: وهي أن الاختصاص المستفادَ من تقديم ﴿عَنْكُمْ﴾ فضلةٌ في المقام، والاشتمالُ على الفضلة هُجْنةٌ في الكلام.

﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ منتظِمٌ مع قوله تعالى: ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ كَنى بذكرها عن الشكر عليها إيماءً إلى أنها من النِّعم الجِسام التي لا مانع من (٤) القيام


(١) رواه مسلم (٨٤٠/ ٣٠٨) من حديث جابر .
(٢) انظر حديث ابن عباس في "دلائل النبوة" لأبي نعيم (٤٢٥)، وحديث جابر عند البخاري (٢٩١٠)، ومسلم (٨٤٣) كتاب الفضائل. وانظر: "روح المعاني" (٧/ ٨٧).
(٣) في "البيضاوي" (٢/ ١١٨): (بالقتل والإهلاك).
(٤) في (ي): "عن".