ولما كان العلامة ابن كمال باشا في فتح مصر مع السلطان سليم خان، كان قاضيًا بالعسكر، فلما دخل القاهرة لقيه أكابر العلماء وأعظم الفضلاء، وناظروه وباحثوه وتكلموا بما عندهم، فامتحنوه فأعجبوا بفصاحة لسانه وحسن كلامه وبلاغة بيانه وبسط مَرامه، وأقروا له بالفضل والكمال، وكانوا يذكرونه بغاية التبجيل والإجلال، ويشهدون أن ليس له في العرب عديل ولا في أفاضل العجم والروم عوض ولا بديل.
لكن بعض الحساد سعوا به عند السلطان سليم فعزله، ثم عاد إليه بالإحسان مبتدرًا لمَّا فطن أنّ أمر الفتوى سيكون متعذرًا، فأعطاه مدرسة دار الحديث بمدينة أَدْرَنة، وعيَّن له كل يوم مئة درهم وعطايا سنية في السنة … إلى آخر ما سيأتي من تعيينه مدرسًا بمدرسة السلطان بايزيد خان الثاني للمرة الثانية بمدينة أدرنةَ، انتهاء باستلامه إفتاء الدولة العثمانية.