للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ ضمَّن الجمع معنى الحشر، ولذلك قال:

﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾، أي: إلى واقعتها في موقفها (١)، كيوم بدر (٢)، استئناف، وقسَم للوعيد على إشراكهم، كأنه قيل: وما تلك الرَّحمة؛ فقيل: هي أنَّه تعالى ليجمعنكم إلى يوم القيامة، وذلك لأنَّه لولا خوف الحساب والعذاب لحصل الهرج والمرج، وارتفع الضبط وكثر الخبط، فتقرير (٣) العقاب في العُقبى من أعظم أسباب الرَّحمة في الدُّنيا.

ولك أن تقول: بيَّنَ بقوله: ﴿كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ كمالَ رحمته بالإمهال ورفْعِ عذاب الاستئصال، بعدَ ما قدَّم بيان كمال قدرته بقوله: ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾؛ ليتعيَّن من أوَّل الأمر أن إمهاله ذلك عن رحمة لا عن عجز، ثم بيَّنَ بقوله: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ فيجازيكم على (٤) شرككم أنَّه يمهل ولكن لا يهمل، بل يحشرهم ويحاسبهم على نَقير وقِطمير.

﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾: في اليوم، أو الجمع.

﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ نصب على الذَّم، أو رفعٌ عليه، أو مبتدأ خبره:

﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ والفاء للسببية، فإن الخسران بتضييع رأس مالهم - وهو نور الفطرة - يوجب الإصرار على الكفر.


(١) في (م) و (ك): "موقعها".
(٢) في هامش (ف): "فإن العرب يطلقون الأيام على الوقائع، ومنه قولهم: شهد يوم بدر؛ يعني الواقعة المشهورة، وتعديته بـ ﴿إِلَى﴾ لما في الجمع من معنى الحشر والسوق، وفيه تنبيه على أن أرض المحشر ومحل الواقعة غير ما هم قبروا فيها على ما نطق به بعض الأحاديث. منه ". وتحته: "وهي المراد من الأيام في قوله تعالى: ﴿لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾. منه ".
(٣) في (م) و (ك): "فتقدير".
(٤) في (م): "عن ".