للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٩) - ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾.

﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً﴾: روي أنَّ قريشًا قالوا: يا محمَّد، لقد سألنا عنك اليهود والنَّصارى، فزعموا أن ليس لك عندهم ذِكْرٌ ولا صفة، فأرِنا مَنْ يشهد لك أنَّكَ رسولُ الله، فنزلَتْ (١).

والشيء يُطلَق على كلِّ موجود، وقد مرَّ تفصيله في تفسير سورة البقرة، ووضعُه موضع شهيد للمبالغة في التعميم.

﴿قُلِ اللَّهُ﴾ هو الجواب، ثم ابتدئ: ﴿شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ كرَّر البَيْن ولم يقل: بيننا؛ للإيماء إلى معنى التَّفصيل المترتِّب على الشهادة المقبولة.

ويجوز أن يكون الجوابُ (٢): ﴿اللَّهُ شَهِيدٌ﴾، فهو على الأول للتَّسلق من إثبات التَّوحيد إلى إثبات النُّبوة بأن هذا الشَّاهد الذي لا أَصْدَقَ منه شهد لي بإيحاء هذا القرآن، وعلى الثَّاني من الأسلوب الحكيم؛ لأن الوهم لا يذهب إلى أن هذا الشاهد يحتمل أن يكون غيرَه تعالى، بل الكلام في أنَّه: هل يشهد لنبوَّته أو لا (٣)؟


(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ١٤٠) عن الكلبي. وانظر: "تفسير الطبري" (٦/ ٣١)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١١٢٠)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٠٣)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٢/ ٧٥٠).
(٢) " الجواب " سقط من (ك) و (ح).
(٣) في (ك): "أم لا". وجاء في هامش (ح): "قوله: ويجوز … إلخ، قال أبو حيان: هذا الوجه أرجح من الأول؛ لأنَّه لا إضمار فيه مع صحة معناه، وفي الأول إضماران أولًا وآخرًا".