للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ بل يكذِّبون الله تعالى بجحود آياته والاستهانة بكتابه، فتكذيبك تكذيبُه، ووَضْعُ (١) الظَّاهر موضعَ الضَّمير تسجيلٌ (٢) عليهم بالظُّلم، وأنَّ جحودهم مسبَّب عن تمرُّنهم وإفراطهم في الظُّلم.

والالتفاتُ في اسم الله تعالى بيانٌ لعظم ما ارتكبوه، والباء لتضمُّن الجحود معنى التَّكذيب.

وقرئ: ﴿لَا يُكَذِّبُونَكَ﴾ بالتخفيف (٣)، من أكذبه: إذا وجده كاذبًا، أو نَسَبه إلى الكذب، ومعنى كذَّبه: جعله كاذبًا في زعمه (٤).

روي أن أبا جهل كان يقول: ما نكذِّبك، وإنَّك عندنا لمصدَّق، وإنما (٥) نُكذِب ما جئتنا به فنزلَتْ (٦).

* * *

(٣٤) - ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾.


(١) في (ف): "وضع ".
(٢) في (م) و (ك): "للتسجيل ".
(٣) وهي قراءة نافع والكسائي. انظر: "التيسير" (ص: ١٠٢).
(٤) في "البحر المحيط" (٩/ ١٢١) تفريق جيد بينهما قال : "فقيل: هما بمعنى واحد نحو كثَّر وأكثر. وفيل: بينهما فرق، حكى الكسائي أنَّ العرب تقول: كذَّبت الرجل إذا نسبت إليه الكذب، وأكذبته إذا نسبت الكذب إلى ما جاء به دون أن تنسبه إليه ". قلت: ولعل ما سيأتي في سبب النزول فيه إشارة لما ذهب إليه الكسائي.
(٥) في (ك): "وإنا".
(٦) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ٢٤٦) لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه. وانظر: "الكشاف" (٢/ ١٨)، و"البحر المحيط" (٩/ ١٢٣).