للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ المراد بـ ﴿كُلِّ شَيْءٍ﴾: التَّكثيرُ، دون التَّعميم، كما في قوله تعالى: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٢٣].

والفتحُ المذكور تعبيرٌ عن تيسير مطالبهم الدُّنيويَّة؛ أي: امتحنَّاهم بالضرَّاء والسرَّاء، وابتليناهم بالشدَّة والرَّخاء؛ مخاشنةً (١) وملاطفةً؛ إلزامًا للحجَّة وإزاحةً للعلَّة.

ويجوز أن تكون التَّوسعة عليهم مكرًا واستدراجًا؛ لِمَا روي في "مسند أحمد بن حنبل" عن عقبةَ بن عامر عن النَّبيِّ قال: "إذا رأيْتَ اللهَ يعطي العبدَ مِنَ الدُّنيا على معاصيه ما يحبُّ فإنَّما هو استدراج "، ثم تلا رسول الله : ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ الآية (٢).

فالتَّوسعة قهرٌ خفيٌّ في صورة اللُّطف، كما أنَّ الأخذ بالبلاء لطفٌّ خفيٌّ في صورة القهر.

وقرئ ﴿فَتَحْنَا﴾ بالتَّشديد (٣)، للتَّكَثير.

﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُوا﴾: بَطِرُوا وأُعجِبُوا (٤) ﴿بِمَا أُوتُوا﴾ من النِّعَم.

﴿أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً﴾؛ أي: أهلكنا هم فجأة، وهو أشدُّ الإهلاك، إذ لم يتقدَّم شعورٌ به فتُوطَّنَ النَّفس على لقائه.


(١) في (ح) و (ف): "محاسنة".
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١٧٣١١)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٧/ ٣٣٠)، وحسَّن إسناده العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (ص: ١٤٧٧).
(٣) وهي قراءة ابن عامر. انظر: "التيسير" (ص: ١٠٢).
(٤) في (ح) و (ف): "وعجبوا ".