للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ﴾؛ أي: أصمَّكم وأعماكم.

﴿وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ﴾: غطَّى عليها ما يُذهِبُ فهمَكم وعقلَكم.

﴿مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ﴾؛ أي: بذلك، إجراءً للضَّمير مجرى اسم الإشارة، أو: بما أَخَذ وختم عليه، أو بأحد هذه المذكورات.

﴿انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ﴾ نكرِّرها متنوعةً؛ تارة بالمقدِّمات والحجج العقليَّة، وتارة بالوعد والوعيد والتَّرغيب والتَّرهيب، وتارة بالتَّنبيه والتَّذكير بأحوال الأمم الماضية.

﴿ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ﴾: يُعرضون (١)، و ﴿ثُمَّ﴾ لاستبعاد الإعراض عن الآيات بعد تصريفها وظهورها، ولذلك قدَّم الضَّمير على الفعل المضارع وصيَّر الجملة اسمية؛ أي: هم المكرَّر عليهم الآيات متنوعةً لا غيرهم، يجدِّدون الإعراض دائمًا مع تجدُّد التَّصريف، فما أبعد حالهم عما فعلنا بهم!

* * *

(٤٧) - ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ﴾.

﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ﴾ لمَّا كان التَّهديد شديدًا جمعَ بين أداتَي الخطاب.

﴿إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً﴾ لمَّا كانت البغتة هجومَ الأمر من غير ظهورِ أَمَارة وشعورٍ به تضمَّنَتْ معنى الخفيَة، فصحَّ مقابَلتها للجهرة، وبُدئ بها لأنها أردع من الجهرة، وإنَّما لم يقل: (خُفْيَة)؛ لأن الإخفاء لا يناسب شأنه تعالى، وقرئ بواو الجمع (٢).


(١) "يعرضون" من (م) و (ك).
(٢) أي: بالواو العاطفة. انظر: "حاشية الشهاب على البيضاوي" (٤/ ٦٤).