للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ بسبب خروجهم عن التَّصديق والطَّاعة.

* * *

(٥٠) - ﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ﴾.

﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾: جمع خزينة وخِزانة، وهي ما يُخْزن؛ أي: يُحْرز ويحفظ بحيث لا تناله الأيدي، وخزائن الله تعالى: مقدوراتُه؛ أي: لا أملك أن أفعل ما أريد مما تقترحونه (١)، وليس المراد التَّبرِّيَ عن دعوى الألوهية وإلَّا لقيل: لا أقول لكم إنِّي إله، كما قيل: ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾ [الأنعام: ٥٠]، وأيضًا في الكناية عن الألوهيَّة (٢) بـ ﴿عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّه﴾ ما لا يَخْفَى من البشاعة، بل هو جوابٌ عن اقتراحهم عنه أن يوسِّع عليهم خيرات الدنيا.

﴿وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ عطف على ﴿وَلَا أَقُولُ﴾، فليس معمولًا له بل للأمر، ولذلك احتيج إلى إعادة ﴿وَلَا أَقُولُ﴾ في قوله: ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾ فإنَّه على تقدير العطف على ﴿عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾ لا حاجة إلى إعادته، وإنما لم يأتِ فيه بنفي القول للفرق الدَّقيق بينه وبين قرينه، وهو أن مفهومَي ﴿عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾ و ﴿إِنِّي مَلَكٌ﴾ معلومان عند النَّاس فلا حاجة إلى نفيهما، إنَّما الحاجة (٣) إلى نفي ادعائهما (٤) تبرُّؤًا عن الدَّعوى الباطل بخلاف مفهوم ﴿وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾، فإنَّه كان مجهولًا عندهم، بل


(١) في (ح) و (ف): " اقترحوه ".
(٢) في (ح) و (ف): "عن دعوى الألوهية"، والمثبت من (ك) و (م)، وهو الموافق لما في "حاشية الشهاب على البيضاوي" (٤/ ٦٥)، و"روح المعاني" (٨/ ١٧٣).
(٣) "إلى نفيهما إنما الحاجة" زيادة من (م) و (ك).
(٤) في (ك) و (م): "إعادتهما "، وفي هامش (م) نسخة: " ادعايتهما ".