للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ﴾ المفاتح: جمع مَفْتَح بفتح الميم، وهو المخزن الذي يُفتَح ويُغلَق، أو جمع مِفْتَح بكسرها، وهو المفتاح، ويؤيده قراءةُ مَن قرأ: (مفاتيح) (١)، استعار المفاتح (٢) لِمَا أَوْدعَ فيه الغيبَ من خزائنه، أو لِمَا يُتوصَّل به إليه، وخُصِّصَتْ به بتقديم الظَّرف؛ لأنَّه لا اطِّلاع [لأحد] (٣) عليه ولا يُمْكِنُه التَّوصلُ إليه.

﴿لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾؛ أي: هو المطَّلع على مكامن غيبه وحده، أو هو ما به يتوصل إليه، كأنَّه في مخزن (٤) مغلَقٍ أبوابُه، لا يعلم أحدٌ مفاتيحه إلا هو؛ أعني: أسبابَه التي توجِب إحداثه وإظهاره في عالم الشَّهادة؛ أي: يعلم أوقاتها وما في تأخيرها وتعجيلها من الحكمة، فيُظهرها على ما اقتضته مشيئتُه بحسَب حكمته، وهذا الوجه أنسب لِمَا قبله.

وقيل (٥): فيه دليل على علمه تعالى بالأشياء قبل وقوعها.

وَيرِدُ عليه أنَّ علمه تعالى ليس بزمانيٍّ، فلا قَبْليَّة بينه وبين الأشياء الواقعة في الزَّمان.

﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ كما يعلم ما في الغيب كلِّه يعلم ما في الشَّهادة كلِّها.


(١) انظر: "الكشاف" (٢/ ٣١)، ونسبت لابن السميفع كما في: "تفسير الثعلبي" (٢/ ٥٤٠)، و"البحر المحيط" (٩/ ١٩٩).
(٢) في (م) و (ك): "المفتاح".
(٣) زيادة يقتضيها السياق.
(٤) في (ح) و (ف) و (ك): "مخدع".
(٥) في (م): "قيل".