للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

به أعماركم من الغفلة والمعاصي في اللَّيل والنَّهار؛ ليقضي المدة التي ضربها لبعث الموتى وجزائهم على أعمالهم، ثم إليه مرجعكم بالحساب، ثم يخبركم بأعمالكم بالجزاء.

وعلى هذا يكون الضمير في ﴿فِيهِ﴾ عائداً إلى مضمون كونهم متوفَّين (١) وكاسبين، وتكون (في) بمعنى لام التعليل، والأجلُ المسمَّى مدة الكون، ولا يخفى ما فيه من التَّعسُّف المُسْتَغنَى عنه بما قُدِّمَ من الوجه الظَّاهر.

* * *

(٦١) - ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾.

﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ قد مرَّ تفسيره في هذه السورة (٢)، قدَّمه على ذكر إرسال الحَفَظة؛ ليُعْلم أنَّ إرسالهم لم يكن لحاجته (٣) إلى ذلك؛ لأن المحتاج لا يكون قاهراً، بل لحكمة، وهي أنْ يكونَ العبادُ على حذرٍ، وهذا أبلغ في الزجر؛ لأن مَنْ علمَ أنَّ عليه رُقباءَ كانَ أجدرَ بالحذر؛ فإنَّ العبد إذا وثق بلطف مولاه، واعتمد على عفوه، لم (٤) يحتشم منه احتشامه من خدَمه المتطلِّعين (٥) عليه.


(١) في (ح): "مستوفين"، وفي (ف): "مستوفون"، والمثبت من (ك) و (م)، وهو الموافق لما في "حاشية الشهاب على البيضاوي" (٤/ ٧٤)، و"روح المعاني" (٨/ ٢١٠).
(٢) في هامش (ح): "في تفسير البغوي: القاهر: الغالب، وفي القهر زيادة معنى على القدرة، وهو منع غيره عن بلوغ المراد".
(٣) في (م) و (ك): "لحاجة".
(٤) في (ح) و (ف): "لم يكن".
(٥) في (ف): "المطلعين".