للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾ فلا يصلُح غيره أنْ يكون معبودًا أصلًا، فضلًا عن أن يكون شريكًا له تعالى في المعبوديَّة (١)، وهو مستحِقٌّ لأن يكون معبودَ كلِّ شيءٍ، جملةٌ حالية في مقام التَّعليل للإنكار المذكور.

﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا﴾؛ أي: لا تكون جنايةُ نفسٍ إلَّا عليها، ومعناه السَّلبُ الكلِّيُّ، لا سلبُ الكلِّ (٢)، فأداةُ السور (٣) داخلة على النَّفي معنًى (٤)، وإن كانت مدخولةً له لفظًا.

﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾؛ أي: لا تحملُ نفسٌ حاملةٌ حِمْلَ نفسٍ أخرى.

قال عطاء: قال الوليد (٥) بن المغيرة: اتَّبعوا سبيلي أحملْ عنكم، فنزلت (٦).

هذا نفيُ القدرة عن الغير على ذلك التَّحمل، وأمَّا نفيُ التَّحميل (٧) من الله تعالى، فالآية ساكتةٌ عنه، فلا منافاةَ بينها وبين حديث أبي موسى المذكور في "صحيح مسلم "، وهو هذا: "يجيء يوم القيامة ناسٌ من المسلمين بذنوبٍ أمثالَ الجبال، فيغفرُها الله تعالى لهم، ويضعُها على اليهود والنَّصارى" (٨).


(١) في (ف) و (ح): "العبودية".
(٢) "لا سلب الكل": ليست في (م)، وفي (ف): "الكلي" بدل "الكل".
(٣) كذا في النسخ.
(٤) "معنى": ليست في (م) و (ك).
(٥) في (م): "وليد". وسقط من (ك): "عطاء قال".
(٦) ذكره الواحدي في "التفسير البسيط" (٨/ ٥٦٤) عن عطاء عن ابن عباس . وانظر: "تفسير البغوي" (٢/ ١٧٩)، و"زاد المسير" (٥/ ١٧).
(٧) في (ف): "التحمل".
(٨) رواه مسلم (٢٧٦٧).