للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: نزلت في الصلاة، كانوا يتكلمون فيها فأمروا باستماع قراءة القرآن والإنصاتِ له (١).

وإطلاق الأمر يقتضي وجوبهما حيث يُقرأ القرآن مطلقًا، وعامةُ العلماء على استحبابهما خارج الصلاة، وفيه إشكال إذ حينئذ يلزم الجمع بين مَعْنييِ الأمر، ويمكن أن يقال: إنه جائز عند اختلاف المحل على ما ذهب إليه العراقيون من أصحابنا.

وعن ابن عباس : أن النبي قرأ في المكتوبة، وقرأ أصحابه خلفه، فنزلت هذه الآية (٢).

ومن هنا اتَّضح وجه احتجاج مَن لا يرى القراءة على المأموم بها، وأمَّا قولُ مَن قال: إنها في الخطبة، فضعيفٌ؛ لأن الآية مكية، والخطبة لم تكن إلا بعد الهجرة.

بقي هنا دقيقة أنيقة (٣) لا بد من التنبيه عليها: وهو أن الإنصات مقدِّمة الاستماع فحقُّه أن يقدَّم في الذكر، وإنما أُخر هنا اهتمامًا لشأنه، وإخراجًا له عن حيِّز الإتْباع إلى حدِّ الاستقلال، وتنبيهًا على أنه مقصودٌ بالذات ومأمورٌ به أصالةً حتى لو كان في مجلس القراءة نائيًا عن القارئ، فحقه أن ينصت وإنْ لم يتيسَّر له الاستماع؛ تعظيمًا لشأن القرآن، وإحرازًا لإحدى الفضيلتين (٤)، ولو قُدم الإنصات لتَبادَر إلى الفهم أن الأمر به لمصلحة الاستماع فلا يجب بدونها.

* * *


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٦٥٨ و ٦٥٩) عن ابن مسعود وأبي هريرة .
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٦٦٤).
(٣) في (م): "أنيقة دقيقة".
(٤) في (ك): "الفضلين".