للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ من العلوم الدِّينية؛ فإنها حياة القلب، والجهلُ موته:

الجاهلُ ميتٌ وإنْ لمْ يُدفَن … بيتُه قبرٌ وثوبُه كفن (١)

وقيل: لجهاد الكفَّار؛ لأنهم لو تركوه لغلبوهم وقتلوهم (٢)، فهو سبب حياتهم، كقوله: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩].

وقيل: للشهَّادة؛ لقوله: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [آل عمران: ١٦٩].

المرادُ بالاستجابةِ: الطَّاعة والامتثال، وبالدَّعوة: البعث والتَّحريض.

﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾ تحذيرٌ عن تأخير الاستجابة.

وزيادة ﴿وَاعْلَمُوا﴾ لمزيد التَّأكيد؛ أي: إن القلوب بيدِ اللهِ تعالى يقلِّبها كيفَ يشاء، فعجِّلوا بالاستجابة قبل أنْ يُحدِثَ اللهُ تعالى في قلوبِكم ما يشغلنا عنها (٣)، ويمنعكم عن الامتثال بالأمر.

وقرئ: (بَين المرِّ) بتشديد الرَّاء على حذف الهمزة وإلقاء حركتها على الرَّاء وإجراء الوصل مجرى الوقف (٤)، على لغةِ مَن يشدِّد فيه.


(١) لم أقف على قائله، وفي "الكشاف" (٢/ ٢١٠):
لَا تُعْجِبَنَّ الْجَهُولَ حُلَّتُهُ … فَذَاكَ مَيْتٌ وَثَوْبُهُ كَفَنُ
قال الشهاب في "حاشيته على البيضاوي" (٢/ ٢١٠): (البيت المذكور للزمخشري من قصيدة مدح بها المؤتمن بالله الخليفة). وقال الطيبي في "فتوح الغيب" (٧/ ٦٤): البيت من قول أبي الطيب:
لا يُعجِبنّ مَضيماً حُسنُ بزّته … وهل تروقُ دَفيناً جودَةُ الكفنِ
(٢) في هامش (ف) و (م): "يأتي في سورة التوبة ما يتعلق بهذا. منه".
(٣) قوله: "ما يشغلنا عنها" كذا في النسخ، ولعل الصواب: (ما يشغلها عنا).
(٤) نسبت للحسن والزهري. انظر: "المحتسب" (١/ ٢٧٦).