للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الافتداء حين كانت الشوكة للمشركين، وخيَّر بينه وبين المَنِّ لَمَّا تحوَّلَتِ الحالُ، وصارت الغلبة للمؤمنين.

وروي: أنَّه أُتِيَ يوم بدرٍ بسبعين أسيراً فيهم العبَّاس وعقيل بن أبي طالب، فاستشار فيهم فقال أبو بكر: قومك وأهلك، استَبْقهم لعلَّ الله يتوب عليهم، وخُذْ منهم فديةً يقوَى بها أصحابك، وقال عمر : اضرب أعناقهم؛ فإنَّهم أئمَّة الكفر، وإنَّ الله أغناك عن الفداء، مكِّنِّي من فلانٍ - لنسيب له -، ومكِّنْ عليًّا وحمزةَ من أخويهما فلنضرب أعناقهم، فلم يهوَ ذلك رسولُ الله ، وقال: "إنَّ اللهَ ليُلينُ قلوبَ رجالٍ حتى تكون ألينَ من اللِّين، وإنَّ اللهَ تعالى يشدِّدُ قلوبَ رجالٍ حتى تكونَ أشدَّ من الحجارة، وإنَّ مَثَلكَ يا أبا بكر مَثَلُ إبراهيم قال: ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [إبراهيم: ٣٦]، ومَثَلَك يا عمر مَثَلُ نوح قال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦]، فخيَّر أصحابه فأخذوا الفداء، فنزلت (١).

قيل: فدخلَ عمرُ على رسولِ اللهِ ، فإذا هو وأبو بكر يبكيان، فقال: يا رسول الله، أخبرني، فإن أجد بكاءً بكيْتُ وإلا تباكَيْتُ، فقال: "أبكي على أصحابِكَ في أخذِهم الفِداءَ، ولقدْ عُرِضَ عليَّ عذابَهم أدنى مِنْ هذه الشَّجرةِ" لشجرة قريبة (٢).


(١) انظر: "الكشاف" (٢/ ٢٣٦). ورواه مطولاً ومختصراً الإمام أحمد في "المسند" (٣٦٣٢)، والترمذي (١٧١٤) و (٣٠٨٤) وحسنه، والطبراني في "الكبير" (١٠٢٥٨)، من حديث ابن مسعود .
(٢) انظر: "الكشاف" (٢/ ٢٣٦). ورواه "مسلم" (١٧٣٦) من حديث عمر بن الخطاب باختلاف يسير. وانظر: "تخريج أحاديث الكشاف" (٢/ ٣٥).