قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: كانت السُّورة تدعى الفاضحة، فلما نزلت هذه الآية سُمِّيَتْ بها: سورةَ التَّوبة.
﴿الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ﴾ أي: اتَبعوا أمره ﵇.
﴿فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ في وقتها؛ فإن السَّاعة في اللغة بمعنى مطلق الزَّمان، والعسرة: الضِّيق والشِّدة والعدم، وهي حالهم في غزوة تبوك، كانوا في عسرة الظَّهر يَعتقِب العشرة على بعير واحد، والزَّادِ حتى قيل: إن الرجلين كانا يقتسمان تمرة، والماءِ حتى نحروا الإبل واعتصروا فُروثها، في شدَّة زمانٍ في حرارة القيظ.
﴿مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ﴾؛ أي: بعدما قاربوا من الميل عن اتِّباع الرَّسول ﷺ في تلك الغزوة، وإنما أسند زيغهم إلى القلب إظهارًا لكونه بمعنى الميل القلبي لا بمعنى الانحراف القالبي.
﴿مِنْهُمْ﴾؛ أي: من المتَّبعين له ﵇.
وفي ﴿كَادَ﴾ ضمير الشَّأن، أو ضمير القوم، والعائد عليه الضمير في ﴿مِنْهُمْ﴾.
لم يقل: زاغت، بل قال: ﴿كَادَ يَزِيغُ﴾، ولم يقل: قلوبهم، بل قال: ﴿قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ﴾؛ تنبيهًا على شركة كلهم في القرار على عدم الثبات في مثل (١) تلك الحال، وامتيازِ جلِّهم عن الباقين بقوة الثبات.
وفيه إشارة إلى جهة استحقاقهم لِأَنْ يتوبَ الله تعالى عليهم.
وما في قوله: ﴿مِنْهُمْ﴾ من الإبهام؛ لإيهام أنهم ليسوا من المهاجرين والأنصار