﴿وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ معنًى، وإن قدِّمَ عليهِ لفظًا للاهتمامِ كما قدِّمَ: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ على ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾ [يوسف: ١٠٠] لذلكَ، والمعنى: أنَّ السبب في إهلاكِهم تكذيبُهم الرسلَ، وعدمُ الفائدةِ في إمهالهم بعدَ أن أُلزِموا الحجةَ ببعثِهِ الرسلَ.
ويجوزُ أن يكونَ ﴿وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ اعتراضًا لتقريرِ ما تخلَّلَ هو بينَهُ.
﴿كَذَلِكَ﴾: مثلَ ذلكَ الجزاءِ بالإهلاك على وجهِ الاستئصالِ ﴿نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾ أرادَ المجرمينَ بالجُرم المعهودِ، وهو تكذيب الرسلِ والإصرارُ عليه.
وإنما قال: ﴿نَجْزِي الْقَوْمَ﴾ لأن الكلامَ في عذاب الاستئصالِ، ولم يتنبَّه له مَن قالَ في تفسيره: نجزي كلَّ مجرمٍ، والمقصودُ وعيدٌ لأهل مكةَ، وتهديدٌ لهم، ومبناهُ على اندراجِهم فيه اندراجًا أوليًا، وهذا أبلَغُ من الخطابِ لهم، ومَن لم يتنبَّه له جوَّزَ أن يكونَ المعنى: نجزيكم، على وضعِ المُظهَرِ موضِعَ المُضمَرِ.