للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرئ: (ولا أَدْرَأكم به)، [(ولا أَدْرَاعْيهم)] بالهمزةِ (١) على لغةِ مَن يقلب الألفَ المبدلةَ من الياءِ همزةً لأنهما من وادٍ واحدٍ، أو على أنهُ من دَرَأْتُه: إذا دفعتَهُ، وأَدْرَأْتُه: جعلتُه داريًا؛ أي: ولا جعلتكم بتلاوته خُصماءَ تدرؤونني بالجدالِ وتكذِّبونني.

﴿فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا﴾ طويلًا مقدارَ أربعين سنةً.

﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ من قبلِ هذا القرآنِ؛ أي (٢): لا أتلوهُ ولا أعلَمُ شيئًا، وهو تقريرٌ (٣) لكونه مِن إعلام اللهِ تعالى وبمشيئته، فإنَّ مَن نشأ بهم وعاش فيهم هذه المدَّةَ لم يتعلَّم شيئًا، ولم يجالس قطُّ عالمًا، ولم يمارِس علمًا، ولم ينشِئ خطبةً ولا قريضاً، ثم أتى بكلامٍ بذَّت فصاحتُه فصاحةَ كلِّ بليغٍ، وعلا نظمُهُ كلَّ منظومٍ ومنثورٍ، خارقًا للعادةِ، أعجزَ عن معارضتِهِ البلغاءَ عن آخرِهم، محتوٍ على فنون العلومِ والحِكَمِ، ناطقٍ بغيوبٍ لا يعلَمُها إلا اللهُ، مشتمِلٍ على أصولِ الأحكامِ وفروعِها، معربٍ عن أقاصيصِ الأولينَ وأحاديثِ الآخرينَ على ما هي عليهِ، عُلِمَ أنه معلَّمٌ به (٤) من عندِ الله تعالى.

﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾: أفلا تستعملون عُقولكم بالتأمُّلِ فيهِ فتعلَمون أنهُ ليسَ إلا من اللهِ تعالى لا من مِثلي، فلا تتَّهموني بالافتراءِ على الله تعالى.


(١) انظر: "تفسير البيضاوي" (٣/ ١٠٨)، والكلام وما بين معكوفتين منه، والأولى ذكرها أيضًا العكبري في "إملاء ما من به الرحمن" (ص: ٦٦٩)، والثانية نسبت لابن عباس وابن سيرين والحسن وغيرهم. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٥٦)، و"المحتسب" (١/ ٣٠٩)، و"الكشاف" (٢/ ٣٣٥)، و"البحر" (١٢/ ٣٨).
(٢) "أي" ليست في (ك)، وتحرفت في (م) إلى "أو".
(٣) في (ك): "تقريب".
(٤) "به "من (ف).