وأما التعليل (١) باشتمالِ ﴿السَّيِّئَاتِ﴾ على الشركِ والكفرِ ففيهِ تخصيصُ الحكمِ المذكورِ بالمشركينَ، ولا وجهَ له، والتعليلُ بتناول (الذين أحسَنُوا) أصحابَ الكبيرةِ من المؤمنين فلا يتناولهم قسيمُهُ؛ فليسَ بقويٍّ؛ لأن كونَهم من المحسنينَ على الإطلاقِ غيرُ ظاهرٍ.
﴿ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ﴾؛ أي: الْزَموا مكانكُم حتى تنظروا ما يُفعَل بكم.
﴿أَنْتُمْ﴾: تأكيدٌ للضمير المرفوعِ المنتقلِ إلى ﴿مَكَانَكُمْ﴾ من عاملِه لسدِّ مسَدِّ: الزمُوا.
(١) في هامش "ف ": "قوله: وأما التعليل .. إلخ يشير به إلى الرد على القاضي البيضاوي؛ لأنَّه ذكر العلتين، وظاهره: أن كلا منهما كاف في العلية، مع أن العلة الأولى مستلزمة أن الخلود لا يكون إلا للمشرك، وهذا لا وجه له إذ الخلود يعم كل كافر ولو غيرَ مشرك، والعلة الثانية تفتضي إطلاق المحسن على الآتي بالكبيرة عند الإطلاق، وهو غير سديد إذ إنه إذا أطلق ذلك فلا ينصرف إلا للمطيع المحسن في غالب أحواله، والجواب عن الأول: أن القاضي إنما جاء به مصحِّحًا لما ادعاه من كون الثاني في حق الكفار ولا ينافيه قوله: ﴿كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ﴾ الظاهر في إرادة العصاة؛ لأن ذلك يشمل الكفر والشرك كما يشمل المعصية دونهما وكل واحد منهما كاف في الخلود لا بقيد الشرك، وأما ادعاء أن المحسن على الإطلاق لا ينصرف إلا للطائع فغير مسلَّم؛ لما علم من الأحاديث الشريفة من إطلاقه على المؤمن مطلقًا، وعليه جرى أهل السنة والجماعة".