للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يأتهم بعدُ تأويلُ ما فيه من الإخبارِ بالغيوبِ حتى يتبيَّنَ لهم أنهُ صدقٌ أم كذبٌ، يعني: إن القرآن معجزٌ من جهة (١) اللفظِ والمعنى، ثم إنهم فاجَؤوا تكذيبَه قبل أن يتدبَّروا نظمَهُ، ويتفحَّصوا معناه.

ومعنى التوقُّعِ في المَّا) أنه قد ظهرَ لهم بالآخرةِ إعجازُه لما كرَّرَ عليهم التحدِّي، فرازوا (٢) قواهم في معارضَتهِ فتضاءلتْ دونَها، أو لما شاهَدُوا وقوعَ ما أَخبر (٣) به طِبقًا لإخبارِه مرارًا فلَم يُقلعوا (٤) عن التكذيبِ تمرُّدًا وعِنادًا.

﴿كَذَلِكَ﴾: مثلَ ذلك التكذيبِ ﴿كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أنبياءَهُم قبلَ النظرِ في معجزاتهم تقليدًا، وبعدَه عنادًا أو حسدًا.

﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾: وعيدٌ لهم بمثلِ ما عوقِبَ به مَن قبلَهم.

* * *

(٤٠) - ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ﴾.

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ﴾: يصدِّق به نفسه ولكِن يعانِدُ ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ﴾: مَن يشُكُّ فيهِ ولا يصدِّقُ، أو: منهُم مَن سيؤمِنُ، ومنهم مَن سيصِرُّ ولا يؤمنُ به.

﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ﴾: بالمعاندِين والمصرِّين.

* * *


(١) في (ف): "حيث".
(٢) " فرازوا"؛ أي: جربوا وامتحنوا. انظر: "حاشية الشهاب على البيضاوي" (٥/ ٣١).
(٣) في (م): "أخبروا".
(٤) في (ك) و (م): "يغفلوا"، وفي (ف): "يفعلوا"، والتصويب من "تفسير البيضاوي" (٣/ ١١٣).