للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بل لا اختصاصَ له بذي عِلْم وشعورٍ، يُرشدكَ إليه قولُه تعالى: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩] (١)، وقولُ العرب في المَثَل السَّائر:

عندَ الصَّباحِ يَحمَدُ القومُ السُّرَى (٢)

ومن هاهنا تبيَّن أنَّ المحمودَ لا يَلزم أنْ يكون فاعلاً لِمَا حُمد به، فضلاً عن أنْ يكونَ مختاراً فيه كما تُوهِّم.

ومَن وَهَمَ قيامَ الفَرقِ بينَ الحمدِ والمدح بصحَّةِ تعلُّقِ الثاني بالجماد دونَ الأوَّل فقد وَهِمَ (٣).


(١) في هامش "م": (أقول: رُد عليه أنه قال في تفسير تلك الآية: ومعنى كونه محموداً أنه تعالى يقيمه فيه، فيشفع فيحمده الخلق، وهذا صريح في أن المحمود هناك وصف للنبي حقيقة، وإنما أطلق على مقامه بطريق التجوز فلا يثبت به ما ادعاه هنا. ويمكن أن يجاب أيضاً بأن الحمد في تلك الآية وأمثالها ليس بالمعنى الذي نحن بصدده، وهو الوصف بالجميل، بل هو بمعنى الرضاء فإنه يجيء في اللغة بذلك المعنى؛ قال الجوهري: أتيت موضع كذا فأحمدته؛ أي: صادفته محموداً موافقاً، وذلك إذا رضيت سكناه أو مَرعاه. ولا يتجه ما قيل من أن المعنى: محموداً فيه النبي، أو الله، ففيه حذف وإيصال، ولكن كلام المصنف في تفسيره بظاهره يدل على أن المقام نفسه محمود، انتهى. فإن كلام المصنف هناك إما مبني على كون الحمد بمعنى الرضاء، أو على التجوز الذي ذكرناه، ولا يخفى أن ذلك أقل مؤنة من الحذف والإيصال. غني زاده).
(٢) الرجز للجُمَيح كما في "مجمع الأمثال" للميداني (٢/ ٤٢)، و"المستقصى" للزمخشري (٢/ ١٦٨)، ونسب لخالد كما في "مجمع الأمثال" (٢/ ٣)، ولمحمد بن دكين كما في "معجم الشعراء" للمرزباني (ص: ٤٠٧)، وقال أبو عبيد في "الأمثال" (ص: ٢٣١): يقال: إنه للأغلب العجلي، ويقال: لغيره، وقال: معناه: أنهم يدأبون في ليلهم بالسهر، فإذا أصبحوا وقد طووا البعد حمدوا ذلك حينئذ.
(٣) وَهَمَ كوَعَدَ: ذهب وهمه إليه، ووَهِمَ كوَجِلَ: غَلِطَ. انظر: "القاموس" (مادة: وهم). فيكون معنى العبارة: ومن ذَهَبَ وهمُه إلى قيام الفرق … فقد غلط. وهذه العبارة كثيرة الدوران في مؤلفات المصنف.