للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو: أهو (١) الذي سميتُموه الحقَّ، وهو أقوى في الاستهزاءِ لتضمُّنه معنى التعريضِ بأنه باطلٌ.

﴿قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾: إنَّ (٢) العذابُ لكائنٌ، و (إي) من حروفِ الإيجابِ بمعنى: نعم، وتختصُّ بالقسم كما أن (هل) بمعنى (قد) تختصُّ بالاستفهامِ، فيقولون: إي والله، ولا ينطِقُون به وحدَهُ.

﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾: فائتين العذابَ؛ أي: هو لاحقٌ بكم لا محالةَ.

* * *

(٥٤) - ﴿وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾.

﴿وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ﴾ بفعلِ ما يُستحَقُّ به العذابُ.

﴿مَا فِي الْأَرْضِ﴾، أي: ما في الدنيا اليومَ مِن خزائنها وأموالِها وجميعِ منافعِها.

﴿لَافْتَدَتْ بِهِ﴾: بجعلتهُ فديةً لها من العذابِ؛ من قولهم: افتداهُ، بمعنى: فداهُ، ولفظةُ (كل) لتعميمِ الحكمِ لكلِّ واحدة من النفوسِ الظالمة.

﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ﴾: حينَ رؤيتهم العذابَ؛ لأنهم بُهِتُوا بما عايَنوه مما لم يخطر ببالهم، ولم يحتسِبوه (٣)، وسلَبَت شدَّتُه وفظاعتُه قِواهُم،


(١) "أو أهو" وقع في النسخ: "وهو"، والصواب المثبت. انظر: "الكشاف" (٢/ ٣٥٢)، و"تفسير أبي السعود" (٤/ ١٥٤)، و"روح المعاني" (١١/ ١٧٥).
(٢) في (ف): "أي".
(٣) في (ف): "يحسبوا" وفي (ك): "يحسوا"، وفي (م): "ولم يحسنوا يحتسبوه". والمثبت موافق لما في "تفسير البيضاوي" (٣/ ١١٦)، وجاءت العبارة فيه: (لأنهم بهتوا بما عاينوا مما لم يحتسبوه).