في قالب من الإيجاز وعدم التطويل، ولا يذهب مشرِّقاً ومغرِّباً في عرض كل ما يتعلق بها، بل وما له صلة بما يتعلق بها، وباحثاً في الأحكام الفقهية والاختلافات المذهبية البعيدة عنها والقريبة، لمجرَّد أنها ذكرت حكماً فقهيًّا معيَّناً، ولا ناقلاً ما جادت به كتب التفسير والفقه والأصول، لمجرَّد ذكر مسألة فقهيةٍ في الآية، كما يلاحظ في "تفسير القرطبي" مثلاً.
وكذا في المسائل العَقَدية والمذهبية لا يفعل كما فعل الفخر الرازي ﵀ من عرض الشُّبه والردود مع الإطالة التي تضيِّع القارئ، فلا يدري هل يقرأ تفسيراً أم كتابًا في علم الكلام.
وحتى المواضيع التي تتعلق بالآية والأقوال التي قيلت فيها ليس مَعنيًّا - كما فَعل الَالوسيُّ مثلاً - بعرضها والاستفاضة فيها، وفتح حلقةِ نقاشٍ تذكر فيها الأقوال، ثم ما قيل عليها من تعقبات، ثم ما جاء في الإجابة على تلك التعقبات، ثم الردود على الإجابات، ثم الإيراد على الردود، إلى آخر تلك السلسلة، التي وإن كان فيها تفصيل للمسألة وإشباع البحث فيها لكنها ليست هي مراد المؤلف، بل مراده ما تقدم ذكره مما قد أوضحنا بيانه.
ومن مظاهر الاختصار في هذا الكتاب أنه لا يُكثر من ذكر الأعلام أو المراجع، مع احتوائه على نسبةٍ كبيرة من كلامِ مَن سبَقه من الأعلام، لكنْ لعله - والله أعلم - أراد المبالغة في العناية بغاية الكتاب التي قدَّمناها، فأهملَ كلَّ ما عدَاها؛ اختصاراً واقتصاراً على بيان الفائدة دون الحاجة إلى بيان القائل، وحتى الردودُ والتعقُّبات الكثيرة التي حفل بها الكتاب كغيره من مؤلفاته تجدُه لا يُعنى