للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

روي أنه كان شديد الحرص على إيمان قومه فنزلت (١)، ولذلك قرَّره بقولِه:

(١٠٠) - ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾.

﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾؛ أي: بإرادَته وتوفيقِه وتيسيرِه، فلا تُجهِدْ نفسَك في هُداها فإنهُ إلى اللهِ.

﴿وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ﴾: العذابَ، وقرئ: (الرِّجْزَ) بالزاي (٢).

﴿عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾: لا يستعملون عقولهم بالنظرِ في الحججِ والبيِّناتِ فيؤمنوا، وَرَدَ (٣) في مقابلةِ الإيمان عدمُ العقلِ، وفي مقابلةِ الإذنِ الرجسُ؛ لأن الإيمانَ إنما يكونُ بصحةِ العقلِ، والنظرِ في الدلائلِ العقلية والسمعيةِ، والإصرارُ على الكفرِ المقابلِ للإيمانِ مسبَّبٌ عن عدمِهِ كقوله: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٧١].

فأومئ (٤) إلى أن العاقلَ هو المؤمنُ، ومَن لم يوفِّقه اللهُ تعالى للإيمانِ لعدمِ عقلِه لزمَ كفرُه الموجبُ للعذابِ، فرتَّبَ لازم الكفرِ الذي هو الرجسُ على ملزومه الذي هو عدمُ العقلِ للجمعِ بين التهديد والتوبيخِ.


(١) انظر: "تفسير البيضاوي" (٣/ ١٢٤).
(٢) قراءة الأعمش، انظر: "المحرر الوجيز" (٣/ ١٤٥)، و"البحر المحيط" (١٢/ ١٨٢).
(٣) في (ك): "أورد".
(٤) في (ك): "وهي".