للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومعنى ﴿فُصِّلَتْ﴾: أنها فُصِّلَت بالفوائدِ، كما تُفصَّلُ القلائدُ بالفرائدِ؛ من العقائدِ والأحكام والمواعظ والأخبار، أو جعِلَت فصولًا فصولًا، آيةً آيةً، أو فصِّلَ فيها (١) ما يحتاجُ العبادُ، أي: بُيِّن ولخِّص، فالتراخي رُتْبيٌّ.

وقرئ: (فَصَلَتْ) من الثلاثي المجرَّدِ (٢)؛ أي: فرَّقت بين الحق والباطلِ.

وقرئ: (أَحْكَمْتُ آياتهِ ثمَّ فصَّلْتُ) على البناء للمتكلِّمِ (٣).

﴿مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِير﴾ في تعلُّقه بـ (أحكمت ثم فصلت) طباق حسنٌ؛ لأن معناه: أحكَمها حكيمٌ، وفصَّلها وبيَّنها (٤) خبيرٌ بالأشياءِ وأحوالِها، فصارَ على أكمل ما ينبغي باعتبارِ ما ظهرَ أمرُه وما خفِي.

(٢) - ﴿أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِير﴾.

﴿أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ﴾ مفعولٌ له؛ أي: لأنْ لا تعبدوا، أو نهيٌ و ﴿أَنْ﴾ مفسِّرة؛ لأنَّ في تفصيل الآياِت معنى القولِ، أو أمرٌ لأن فيه معنى الأمرِ؛ أي: أُمِرتم أن لا تعبدوا إلا اللهَ.

ويجوزُ أن يكون كلامًا مبتدأً منقطِعًا عما قبلُ على لسانِ النبيِّ بتقديرِ: قل؛ إغراءً منهُ على تخصيصِ الله تعالى بالعبادةِ، أو أمرًا بهِ، ويدلُّ عليه


(١) في (ف) و (م): "منها"، والمثبت من (ك) و"الكشاف" (٢/ ٣٧٧).
(٢) نسبت لعكرمة والضحاك والجحدري وزيد بن علي. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٥٩)، و"الكشاف" (٢/ ٣٧٧)، و"البحر المحيط" (١٢/ ١٩٦).
(٣) انظر: "الكشاف" (٢/ ٣٧٧).
(٤) "وبينها" في (م).