للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما تحتاجُ إليهِ أعمالُكم، ودلائلُ وأماراتٌ تستدلُّونَ بها، وتستنبِطون منها (١).

ولما كان الابتلاءُ - أي: الاختبارُ - أحدَ طرفي العلمِ وأشهرَها وأعملَها استُعيرَ للعلمِ لأنهُ مُلابِسٌ له؛ كالنظرِ في قولهِ (٢): ﴿فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ﴾ [النمل: ٢٨].

وإنما قالَ: ﴿أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلً﴾ وهم المتَّقون (٣) - وفي المخاطَبِين مَن عملُهُ قبيحٌ وأقبحُ - لأمرين:

أحدُهما: أن المقصودَ من الخلقِ بالقصد الأولِ وبالذاتِ هو الإيمانُ والعملُ الصالحُ، ونظرُه تعالى إلى ما هو (٤) أحسنُ من ذلكَ، لا إلى القبيحِ والأقبحِ.

والثاني: التحريضُ والحثُّ على حسن العملِ والترغيب فيهِ، وهو أعمُّ من الأعمالِ البدنية كالطاعاتِ والخيراتِ، والقلبيةِ كالاعتقاداتِ والنيَّاتِ، فكأنُه قالَ: ليظهَر مَن هو أكملُ علمًا وعملًا، ويتميّزَ ممن هو على خلافِه، ولهذا قالَ النبي : "ليبلوكم أيُّكم أحسن عقلًا، وأورعُ عن محارم الله، وأسرع في طاعة الله" (٥) وفيه تعظيمٌ للمحبِّينَ المتَّقينَ وتشريفٌ (٦) لهم، وإشارةٌ إلى أنهم من اللهِ تعالى بمكان.


(١) في (ف): (فيها).
(٢) "ولما كان الابتلاء … " غلى هنا من (ك).
(٣) "وهم المتقون" سقط من (ك).
(٤) في (ك): "والعمل الصالح وهل إلى ما".
(٥) رواه داود بن المحبر في كتاب "العقل"، ومن طريقه الحارث في "مسنده" (٨٣١)، والطبري في "تفسيره" (١٢/ ٣٣٥)، عن عبد الواحد بن زياد عن كليب بن وائل عن ابن عمر عن النبي ، وداود ساقط. ورواه ابن مردويه من طريق آخر عن كليب كذلك، وإسناده أسقط من الأول. انظر: "الكافي الشاف" (ص: ٨٦).
(٦) في (ف): "أو تشريف".