للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ﴾ شبَّهَ فريق الكافرين في عدمِ انتفاعهم بالمشاعرِ بالأعمى والأصمِّ، وفريق المؤمنينَ بالسميعِ والبصيرِ، والتشبيهُ بحسبِ جليل النظرِ من قبيلِ المفرد، وبحسب دقيقِه من قَبيلِ المركَّبِ؛ لأنَّه أبلغُ، والتعييرُ بالمثل أنسَبُ، وذلك أن المقامَ يتحملُ تشبيه الفريقين بالجامعِ بين العمى والصمَمِ، والجامعِ بين السمع والبصرِ.

على أن (الواوَ) في ﴿وَالْأَصَمِّ﴾ ﴿وَالْبَصِيرِ﴾ للجمعِ بين الصفتَينِ، كما في قوله: الصالح (١) والغانم والآيب، وتشبيهِ أحدِهما بكلِّ واحدٍ من الأعمى والأصمِّ، والآخرِ بكلِّ واحدٍ من السميع والبصيرِ، فيكون لكلٍّ منهُما تشبيهان كما في قولِه:

كأنَّ قلوبَ الطَّيرِ رَطبًا ويابِسًا … لدى وكْرِها العنابُ والحشَفُ البالي (٢)

وهو من بابِ اللفِّ والطِّباقِ، والوجه هو الأولُ؛ لأن (٣) تقسيم الكفارِ إلى مشبَّهٍ بالأولِ ومشبَّهٍ بالثاني وكذلك المؤمنون غيرُ مقصودٍ في الآية؛ بخلافِ البيت المذكورِ.

بل المرادُ تشبيهُ حالِ هؤلاء الكفرةِ الغاوينَ الموصوفين بالتصامِّ عن آياتِ اللهِ بحالِ من خُلِقَ أعمى وأصمَّ لا تنفعُه إشارةٌ ولا عبارةٌ.

وحالِ هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ فانتفعوا بأسماعِهم وأبصارِهم


(١) في (ك): "الصابح".
(٢) البيت لامرئ القيس، وهو في "ديوانه" (ص: ٣٨). العناب: ثمر، والحشف: اليابس الفاسد من التمر.
(٣) في (م): "لأنَّه".