للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأُخْرَوَّيةٍ: وهي مختصَّةٌ بالمؤمن.

ونحن نقولُ: إنَّ النِّعمةَ الأُخرويَّة على قِسْمينِ: نعمةِ نفْعٍ وهي المختصَّةُ بالمؤمن، ونعمةِ دفْعٍ (١) ولا شُبْهةَ في عمومِها للكافر أيْضاً؛ لأنَّه تعالى لا يُعذِّب كافراً من الكفَّار بنوعٍ من العذاب إلَّا وهو قادرٌ على أنْ يُعذِّبه بأشدَّ منه، وترْكُ ذلك نعمةُ تخفيفٍ منه تعالى عليهِ.

﴿غَيْرِ﴾ صفةٌ مقيِّدة؛ أي: جَمعوا بينَ النِّعمة والسَّلامةِ منهما، وإنَّما وصَفَ المعرفةَ بـ (غير) تنزيلاً للموصول منْزلةَ النَّكرةِ إذْ (٢) لم يقصدْ به مَعهوداً (٣)، أو رفعاً لـ (غير) إلى درجة المعرفةِ؛ لِزوالِ إبهامهِ بالإضافة إلى ما لَهُ ضِدٌّ واحدٌ (٤).

اعلَمْ (٥) أنَّ (غيراً) لها ثلاثةُ مواضعَ:

أحدها: أنَّ تقعَ موقِعاً لا تكونُ فيه إلا نكِرةً، وذلكَ إذا أُريد بها النَّفيُ السَّاذجُ في نحو: مررتُ برجلٍ غيرِ زيدٍ.

الثاني: أنْ تقعَ موقعاً لا تكونُ فيه إلا معرفةً، وذلك إذا أُريد بها شيءٌ قد عُرِفَ بمضادَّة المضافِ إليه في معنًى لا يُضادُّه فيه إلَّا هو، كما إذا قلت: مررتُ بغيرِك؛


(١) في "ح " و"ف" و"ك" و"م": (رفع)، والمثبت من "د".
(٢) في "د": (إذا)، و في "ف": (إن).
(٣) في "ك": (معهود).
(٤) قال العلماء: إذا أضيفت (غَيْر) إلى معرَّف له ضدٌّ واحد فقط تعرفت لانحصار الغيرية، وهنا المنعم عليهم ضد لما بعده. انظر: "الحجة للقراء السبعة" لأبي علي الفارسي (١/ ١٤٣)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (١/ ٧٧)، و"مغني اللبيب" (ص: ٢١٠)، و"روح المعاني" (١/ ٣٠٩).
(٥) في "ح " و"ف": (واعلم).