للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١ - ٢) - ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾.

﴿الم﴾ في الفواتح المقطَّعة أوجُهٌ، والأوجَهُ أنَّها أسماءُ السُّورة، وعليه الأكثر، ومحلُّها رفعٌ على الابتداء، وقيل: نصبٌ أو جرٌّ على حذْف حرفِ الجرِّ وإضمارهِ.

والمرويُّ عن الصدر الأوَّل في التهجِّي أنَّها أسرارٌ بينَ الله تعالى ونبيِّه.

وقال بعضُ الكُمَّلِ: قد يجري بينَ المحرمينِ كلماتٌ مُعمَّاةٌ تُشير إلى سرٍّ بينَهما (١).

والمقطَّعاتُ في أوائل السُّورِ من هذا القَبيلِ، فإنَّه تعالى قد وضَعَها مع نبيِّه في وقتٍ لا يسعُهُ فيه ملَكٌ مقرَّب ولا نبيٌّ مرسَل، ليَتكلَّم بها معه على لسان جِبْرائيلَ بأسرارٍ وحقائقَ لا يطَّلعُ عليْها جبرائيل .

ويدلُّ على هذا ما رُوي في الأخبار أنَّ جبرائيل لمَّا نَزلَ بقوله تعالى: ﴿كهيعص﴾، فلما قال: كاف، قال النبيُّ : "علمتُ"، فقال: ها، قال:


= النِّسَاءُ، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ أنَّهُ كَانَ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، فَاسْتَبْطَنَ الوَادِيَ حَتَّى إِذَا حَاذَى بِالشَّجَرَةِ اعْترَضَهَا، فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ثُمَّ قَالَ: "مِنْ هَا هنَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ قَامَ الَّذِي أنزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ البَقَرَةِ ". قال الآلوسي في "روح المعاني" (١/ ٣١٧): وهو معارِض لما روي من منع ذلك، وتعيُّنِ أن يقال: السورة التي يذكر فيها البقرة، وكذا في سور القرآن كله، ومن ثمة أجاز الجمهور ذلك من غير كراهة.
(١) هذا الكلام للسجاوندي كما في "فتوح الغيب" للطيبي (٢/ ٣٣)، و"نواهد الأبكار" للسيوطي (١/ ٢٦٩)، وزادا: وتفيد تحريض الحاضرين إلى استماع ما بعد ذلك، وهذا معنى قول السلف: حروف التهجي ابتلاء لتصديق المؤمن وتكذيب الكافر.