للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والرَّيبُ: أنْ يُتوهَّمَ في الشَّيء أمرٌ (١) ما، ثُمَّ يَنكشفَ عمَّا تُوهِّم (٢) فيه (٣).

ولمَّا كان الرَّيبُ أضعفَ كان نفيُه أبلغَ.

ثمَّ إنَّ المَنفيَّ عنه مَنشأُ الرَّيب لا نفسُه؛ لأنَّه حالةٌ قائمة بالمُرتاب لا يَحتمِلُ أنْ توجدَ في جنس الكلامِ، فلا حاجةَ إلى نفْيِها؛ بل لا وَجهَ لهُ في مقامِ المدحِ، فتَأخيرُ الظَّرف لا (٤) لأنَّ الحصر المستفادَ من تقديمه باطلٌ؛ لأنَّ باقيَ الكتبِ السَّماوية ليسَ بمعجِز فلا قاطعَ لعِرْقِ الرَّيب فيه، بل لتجريدِ الكلام لمَا سيْقَ له، فإنَّ المفهومَ من الحصر المذكورِ فضلةٌ في المقام (٥)، واختيارِ ما هو أحسنُ نظماً، وتوسيعِ دائرة القراءة (٦) على ما ستَقِفُ عليه بإذن الله تعالى.

وقُرئ: (لا ريبٌ) بالتَّنوينِ والرَّفع (٧)، والفرْقُ بينَها وبين المشهورةِ: أنَّ المشهورةَ تُوجب الاستغراقَ وهذه تُجوِّزُه.

﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾؛ أي: المشارِفينَ للتَّقوى الصائِرينَ إليه، ففيه مجازٌ وإيجازٌ وهما من أقوى أسبابِ الإعجازِ، ونكتةُ المجازِ: التنْبيهُ على قوَّة ترتُّبِ اهتدائهم على هدايتِه بحيثُ لا يتخلَّلُ بينهما زمانٌ، فكأنَّ هدايتَه بالذينَ يهتدون به هدايةٌ بالمهتدِينَ.

وإنَّما لم يقل: هدًى للطالبينَ؛ لئلا يَندرجَ تحتَ عمومه المطبوعُ على قلوبهم.


(١) في "ف": (أمراً). ومثله في "تفسير الراغب"، ولفظه: (أن تتوهم في الشيء أمراً).
(٢) في "ح " و"ف" و"ك": (يتوهم)، وفي "تفسير الراغب": (توهمت).
(٣) انظر: "تفسير الراغب" (١/ ١١٥).
(٤) كلمة: (لا) سقطت من "ح " و"ف" و"ك".
(٥) في "ح " و"ف" و"ك" و"م": (في الكتاب المقام)، والمثبت من "د".
(٦) في "ح " و"ف" و"ك" و"م": (القرآن)، والمثبت من "د".
(٧) عزاها ابن خالويه في "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٢) لزهير الفرقبي.