للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فهو هو لا غير، والمراد الإخبار عنه بكمال حقَيَّته (١) حيث ثبت على مرِّ الدهور ولم يتطرَّق له (٢) التحريف والتغيير، أو ثبت تلاوته وحكمُه بخلاف سائر الكتب الإلهية، فلا دلالة فيه على أن غير المنزل إليه ليس بحق أصلًا، فلا حاجة إلى تعميمه للمنزل ضمناً، بل لا وجه له بعد التصريح بأن المراد منه القرآن كلُّه، على أنه لا يجدي نفعًا في دفع النقض بحقيَّة (٣) ما نزل إلى سائر الأنبياء .

وفي دَرْجِه في الذي أنزل إليه ضمنًا باعتبار أنه نطق بحسن اتّباعه ما لا يخفى من التعسُّف (٤)، وهو بعد اللُّتيَّا والتي يؤدي إلى أن يكون ترك قوله: ﴿إِلَيْكَ﴾ خيرًا من ذكره.

والجملة الثانية كالحجة على الجملة الأولى، وطريقتُها طريقة الأنمارية في الكَمَلة من بني العَبْسي (٥): هم كالحَلْقة المفْرغةِ لا يُدرَى أين طرفاها؛ أي: كما أنها نفت التفاضُل آخِرًا بإثبات الكمال لكل واحد دلالةً على أن كمالَ كلِّ لا يحيط به الوصف وهو إجمال بعد التفصيل لهذا الغرض، كذلك لمَّا أثبت لهذه السورة


(١) في (ف): "حقيقته".
(٢) في (ك): "إليه".
(٣) في (ف): "بحقيقة".
(٤) فيه رد على قول البيضاوي: (وتعريف الخبر وإن دل على اختصاص المنزل بكونه حقًا فهو أعم من المنزل صريحًا أو ضمنًا، كالمثبت بالقياس وغيره مما نطق المنزل بحسن اتباعه). انظر: "تفسير البيضاوي" (٣/ ١٨٠).
(٥) في (ف) و (م): "في الكلمة من بني عيسى". وفي (ك): "في الكلمة من بني عبس ". والأنمارية هي فاطمة بنت الخرشب، ولدت لزياد العبسي: ربيعًا الكامل، وعمارة الوهاب، وقيسًا الحفاظ، وأنس الفوارس، قيل لها: أيهم أفضل؛ فقالت: عمارة، لا بل فلان، لا بل فلان، ثم قالت: ثكلْتُهم إن كنت أعلم أيهم أفضل، هم كالحلقة المفرغة. انظر: "فتوح الغيب" (٨/ ٤٥٥).